الاتحاد النسائي ينظم ندوة عن الأزمة المالية
أبوظبي في 17 مارس / وام/
تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام نظم الاتحاد صباح اليوم ملتقى المرأة والمجتمع تحت عنوان ندوة / الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على المرأة والأسرة الاماراتية / .
شارك في الندوة التي أدارتها الدكتورة نضال الطنيجي عضوة المجلس الوطني الاتحادي كل من معالي سلطان بن ناصر السويدي محافظ مصرف الإمارات المركزي وسعادة الدكتور أحمد خليل المطوع الرئيس التنفيذي لصندوق خليفة لدعم وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة والدكتورة شيخة سيف الشامسي رئيسة المركز العربي للمواطنة والتنمية و وكيلة سابقة بوزارة التربية والتعليم لشؤون المناهج .
وبدأت الجلسة الأولى بورقة قدمها السويدي بعنوان " الأزمة المالية .. الفرص والتحديات " أشار فيها الى أن الأزمة المالية العالمية الحالية ستخفض آفاق النمو الاقتصادي لدولة الامارات في عام 2009 من معدل نمو معبر عنه برقم أحادي مرتفع الى معدل نمو منخفض أو حتى منكمش .
وقال ان السياسة النقدية لدولة الامارات ستظل موجهة نحو الابقاء على أسعار فائدة رسمية عند مستويات منخفضة كي يتسنى الحفاظ على بعض النمو الاقتصادي الايجابي خلال السنوات القليلة القادمة .. وستركز السياسة الائتمانية والمصرفية على ضمان توسع ائتماني معقول بمعدلات منخفضة وتوسع بنكي مقيد .
ورجح أن تؤثر الأزمة المالية العالمية الحالية على عولمة الخدمات المالية والأنظمة الرقابية للأسواق المحلية.. مشيرا الى ان الأرجح أن تتباطأ عولمة الخدمات المالية اذ ستعمد الكثير من الدول الى وضع بعض القيود وسيكون هناك توجه يستهدف وضع أنظمة رقابية موحدة ضمن البنوك المركزية .
وتوقع التزام أكثر صرامة بالنسب الاحترازية التي تحددها البنوك المركزية وتوجها نحو فرض غرامات أكبر قيمة على أي تجاوزات للنسب الاحترازية المحددة.. مشيرا الى ان سيكون هناك توجه لخلق أنظمة مصرفية تعتمد على التمويل المحلي بنسبة 100 بالمائة الأمر الذي من شأنه ان يمنح امتيازا أكبر للبنوك التجارية التقليدية على البنوك الاستثمارية الابتكارية .
وذكر معالي سلطان ناصر السويدي محافظ مصرف الامارات المركزي في ورقته أسباب الأزمة المالية العالمية مشيرا الى أن هناك عدة أسباب أدت الى اليها يمكن تلخيصها في قيام البنوك المركزية وبالأخص بنك الاحتياط الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية بتخفيض أسعار الفائدة الى مستويات متدنية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ما أدى الى توفر القروض المصرفية بأسعار مغرية وهو ما ترتب عليه استغلالها في أسواق الأسهم مما رفع القيم في أسواق الأسهم الى أعلى من المستويات الحقيقية .. موضحا أن توفر القروض أدى ايضا الى حركة نشطة لشراء الوحدات السكنية .. وهو ما أدى بدوره الى ارتفاع قيمها الى أعلى من المعدل المعقول ما أسفر عن نشوء ما يسمى بفقاعة في القيم سواء قيم الأسهم أو قيم العقارات وساعد وجود مؤسسات مالية خارج نظام الرقابة للبنوك المركزية على تفاقم الوضع .
وأضاف ان وجود مؤسسات خارج الرقابة المصرفية كصناديق التحوط وصناديق المنتجات المركبة أدى الى خلق أذرع اضافية مكنت من زيادة حجم الاقراض وذلك عن طريق توريق القروض العقارية وأدوات مقابلة مخاطر القروض العقارية وأدوات مقابلة مخاطر القروض العقارية وغيرها من القروض وهذه الأدوات والمؤسسات تقع خارج نطاق الرقابة المصرفية التي تنطبق على البنوك والمؤسسات المالية الأخرى التي تمارس نشاط الاقراض مشيرا الى قيام البنوك التجارية بشراء هذه الأدوات .
وحول السبب الثالث لفت السويدي الى الانفتاح الشديد وتطبيق مبدأ الرقابة الذاتية الذي تم التأكيد عليه في الولايات المتحدة عدة مرات من قبل رئيس نظام بنك الاحتياط الفيدرالي الدكتور الان جرينسبان وهذا أوجد مؤسسات أخذت مخاطر بشكل مباشر أو غير مباشر فاقت النسب المعتادة وبما أن هذه المؤسسات لا تخضع للرقابة فقد تجرأت على أخذ مخاطر كبيرة في مرحلة معينة فأدى ذلك الى فشلها في بداية الأزمة اذ أن موجوداتها خارج الميزانية وبسبب عدم القدرة على بيعها في الأسواق تحولت الى موجودات داخل الميزانية مما جعل الأطراف المتعاملة مع هذه المؤسسات تثير الشكوك حول مدى قدرة هذه المؤسسات على السداد ومن ثم الامتناع عن التعامل معها مما وضعها في موضع الافلاس ومن هنا بدأ مسلسل الشك وفقدان الثقة.
وذكر السويدي أن الأزمة المالية العالمية بدأت في التأثير على النظام المصرفي في دولة الامارات خلال أشهر الصيف الماضي خاصة خلال شهر أغسطس عندما ظهرت دلائل على نقص في السيولة لدى البنوك وقام المصرف المركزي بالتعامل مع هذه التطورات في نهاية شهر سبتمبر 2008 بتوفير التسهيلات مشيرا الى انها بلغت /50 / مليار درهم للسحب على المكشوف تم توفيرها للبنوك من خلال حساباتها الجارية لدى المصرف المركزي وتسهيلات مقايضة مقابل 100 بالمائة من ممتلكات البنوك من شهادات ايداع المصرف المركزي وتسهيلات بخصم سندات وأدوات دين الحكومات المحلية ومؤسساتها .
ولفت السويدي الى أن هذه الاجراءات الى جانب الاجراءات الأخرى التي اتخذتها الحكومة الاتحادية والتي تمثلت بضمان الودائع لدى كافة البنوك التي لديها عمليات كبيرة في دولة الامارات اضافة الى توفير تسهيلات لدعم السيولة بقيمة 70 مليار درهم أدت الى تحسين وضع السيولة لدى البنوك كما تم الاحتفاظ بالسياسة النقدية لدولة الامارات في صيغة توسعية وتركزت على تحقيق نمو اقتصادي متوازن.
وأوضح أن السيولة تبدو مستقرة الان لدى البنوك اذ لا يقوم أي بنك حاليا بالسحب على المكشوف من حسابه الجاري لدى المصرف المركزي بقدر يتجاوز احتياطياته الالزامية كما انخفضت أسعار الفائدة على الودائع ما بين البنوك وان كانت لا تزال أكثر ارتفاعا من نظيراتها في بعض دول مجلس التعاون الخليجي .. كما لا تزال أسعار الفائدة على الودائع المعروضة من المؤسسات والشركات وذوي المدخرات الكبيرة مرتفعة .. مشيرا الى العمل حاليا على تطبيق خطة تهدف الى خفض أسعار الفائدة على هذه الودائع عن طريق كسر الدائرة المفرغة والجمود نتيجة لأزمة السيولة .
وتوقع أن توثر الخطة التي من المفترض تطبيقها على أسعار الفائدة ما بين البنوك وستسهم في خفضها في نهاية الأمر.
وقال ان الميزانية المجمعة للبنوك لشهر يناير 2009 أظهرت زيادة طفيفة في القروض والسلف مقارنة بما كانت عليه في ديسمبر 2008 الأمر الذي يعني أن البنوك لا تزال تمنح القروض لمختلف قطاعات الأعمال على الرغم من أن نمو هذه القروض بقي ضمن نسب متدنية وفي المقابل ظلت القروض والسلف على أساس اجمالي أكبر من ودائع العملاء بحوالي / 116 / مليار درهم كما في 31 يناير 2009 وقد تم تجسير هذه الفجوة لدى البنوك باستخدام رؤوس الأموال والاحتياطات التي تبلغ حوالي / 180 / مليار درهم ورغم ذلك هذا الوضع غير ملائم ويتم العمل حاليا على ملء هذه الفجوة باستخدام موجودات أخرى.
أما فيما يتعلق بنتائج البنوك لسنة 2008 فقد أشار معالي سلطان ناصر السويدي في ورقة العمل التي قدمها خلال الجلسة الأولى للندوة الى أن الحسابات الختامية المدققة لأربعة عشر بنكا أظهرت جميعها مستويات جيدة ولم تدخل بنوك الدولة في مجال المنتجات المركبة ومنتجات البنوك الاستثمارية الابتكارية المشابهة ومن ثم فان أصولها خارج الميزانية واضحة وسهلة القراءة غير أنه حتى اذا كانت أصول البنوك من نوعية جيدة فان البنوك تحتاج عادة في أوقات الأزمات الى وضع مخصصات لاستثماراتها التي انخفضت قيمها كما ستكون البنوك بحاجة الى وضع مخصصات مقابل القروض الممنوحة لقطاعات الأعمال التي يرجح أن تتأثر تدفقاتها النقدية نتيجة الأزمة المالية العالمية أو التي تأثرت نتيجة لارتفاع تكلفة التمويل .
أما فيما يتعلق بالقروض العقارية فاوضح ان بعض التصحيح سيطال القطاع العقاري غير أن ذلك سيعتمد على مستويات الايجارات والتي من المتوقع أن تنخفض على نحو تدريجي وستنخفض أسعار العقارات شيئا ما أيضا بسبب توقعات البائعين والمشترين بجانب عدم توفر القروض البنكية في بعض الأحيان .
وتوقع السويدي أن يتأثر القطاع العقاري مؤكدا ضرورة ادراك أن هذا القطاع يتسم بقدر كبير من عدم المرونة ويتفاعل على نحو مختلف نوعا ما عن سوق الأوراق المالية وذلك لأن جزءا كبيرا من هذا القطاع مملوك لأفراد لديهم قدر من الثراء وبمقدورهم تحمل معدلات خلو وحدات مستأجرة بنسب عالية كما سبق في الأزمات السابقة.
وأكد أنه عند تحليل التأثير المحتمل للقروض العقارية على البنوك يجب مقارنة الأرقام مع دول أخرى اذ تبلغ كافة القروض العقارية لدى بنوك دولة الامارات أي القروض مقابل الرهن العقاري والقروض الممنوحة لمؤسسات الأعمال والقروض الممنوحة للمطورين العقاريين ما يعادل /74ر172 / مليار درهم في 31 ديسمبر 2008 وهو رقم يقل عن اجمالي رأس مال واحتياطات البنوك الذي يبلغ/180 / مليار درهم .
وأشار الى أنه عند مقارنة حجم القروض العقارية للنظام المصرفي محتسبة كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي في بعض الدول فانه من الملاحظ أن تعادل القروض العقارية 101 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي للولايات المتحدة الأمريكية و3ر86 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي للمملكة المتحدة مقارنة فقط بـ 8ر17 من الناتج المحلي الاجمالي لدولة الامارات .
وقدمت الدكتورة شيخة سيف الشامسي رئيسة المركز العربي للمواطنة والتنمية و وكيلة سابقة بوزارة التربية والتعليم لشؤون المناهج في الجلسة الثانية للندوة ورقة عمل تناولت / تأثير الأزمة المالية على ميزانية الأسرة الاماراتية / .
وتحدثت عن تأثير الأزمة على استهلاك المواد الغذائية ..مشيرة الى ارتفاع أسعار الاغذية عالميا في عام 2007 حيث بلغت نسبة الارتفاع في قيمة الحبوب بالدول الأوروبية على سبيل المثال 20 بالمائة ..وأرجعت الارتفاع في أسعار المواد الغذائية لعوامل خارجية وداخلية ..وقالت ان نسبة ارتفاع قيمة الأغذية في دولة الامارات كانت هي الأعلى مقارنة بالدول العربية الأخرى بما فيها الخليجية.
وعزت أسباب ارتفاع أسعار الغذاء بالدولة الى تراجع دور الجمعيات التعاونية نظرا لعدم وجود سياسات وأنظمة حكومية تدعمها وسيطرة بعض الفئات على تجارة المواد الغذائية واحتكارها لسوق هذه المواد ومحدودية الناتج الزراعي بالدولة وزيادة الطلب على المواد الغذائية لتزايد عدد السكان في فترة وجيزة .
وأوضحت ان الأسرة المواطنة تعاني من الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية مما دفعها الى تخصيص مبالغ أكبر لهذا البند على حساب المصروفات الأخرى ..مشيرة الى ان الأسرة المواطنة في أبوظبي في المتوسط كانت تنفق /2000/ درهم عام 1997 أما في عام 2007 أصبحت تنفق / 5000 درهم / ..وقالت ان الوضع لا يختلف كثيرا في الامارات الأخرى حيث تنفق الأسرة المواطنة في كل الامارات في المتوسط / 1500/ درهم عام 2007 والأسرة متوسطة الدخل /4000 / درهم .
وأشارت الى أثر الأزمة على الانفاق الاستهلاكي للمواد الغذائية والذي يتمثل في تغيير نمط استهلاك الأسرة المواطنة الى نمط أكثر توازنا حيث سيقل الطلب على خدمات الأنشطة الاقتصادية القائمة على تلبية النمط الاستهلاكي الترفي وبالتالي من المتوقع أن تنخفض أعدادها .
وتوقعت أن تتراجع أسعار المواد الغذائية سريعة العطب مثل الخضار والفواكه واللحوم وتستقر نسبيا أسعار الحبوب ..مشيرة الى أن التراجع في الأسعار سيكون طفيفا في البداية وسيتزايد في الصيف.
وبالنسبة الى الايجارات والوقود والطاقة لفتت الدكتورة شيخة الى أن التضخم يؤدي عادة الى نمو في الطلب على الأراضي والعقارات على أثر زيادة الدخول النقدية وهذا ما حدث بالدولة في الفترة الأخيرة ..مشيرة الى ان اشتراك الحكومة في المشاريع الاستثمارية بالنشاط العقاري دفع الى تبنيها تنفيذ مشروعات للبنية التحتية مما زاد من الطلب على الوحدات السكنية لتغطية طلب العاملين في هذه المشروعات ..وقالت ان ارتفاع الايجارات وصل الى تضاعف تكلفة السكن للأسرة العربية من/ 10 الالاف درهم / عام 1997 الى/ 75 ألف درهم / عام 2007 .
وبينت أن السلع الكمالية المعمرة هي الأكثر تأثرا بالأزمة ومنها السيارات والهواتف النقالة ..موضحة أن العروض التي تقدمها معارض السيارات هي الدليل على تراجع الطلب على هذه السلع على أثر الأزمة .
ولفتت الى الاثار السلبية للأزمة المالية على المستوى الاجتماعي والتي تمثلت في حدوث اختلال في البنية الاجتماعية وانخفاض مستوى بعض الشرائح الاجتماعية وارتفاع مستوى شرائح أخرى واختلال الهيكل السكاني وتميزه بغلبة الذكور وانخفاض نسبة العمالة العربية وزيادة نسب الأسر الجماعية / أفراد يعيشون في سكن مشترك لا تربطهم صلة قرابة / ووصول بعض منها الى حد الفقر وتدني المستوى الصحي والتعليمي للأسر الوافدة العربية والاسيوية وتفشي الفساد الاداري والرشوة وتأخر سن الزواج بين المواطنين وانتشار الجريمة وحوادث السرقة والقتل .
وعلى المستوى الاقتصادي قالت ان الاثار السلبية تمثلت في انخفاض القوة الشرائية وتراجع الطلب وتراجع الواردات وتقلص الأنشطة المعتمدة على الاستيراد وعدم الاستغلال الأمثل للبنية الأساسية التي تم التوسع فيها بشكل كبير في الاونة الأخيرة ..وعلى المستوى السياسي زيادة مظاهر الاحتجاج لدى العمالة الوافدة بعد تنامي الخسائر للشركات العقارية على أثر انحسار الطلب ولجوء التجمعات العمالية الى نشر الأفكار السائدة في دولها والهادفة لاقامة نقابات خاصة بها بما يتعارض وتوجهات الدولة وارتفاع الضغط الدولي على الامارات لتلبية مطالب العمالة الأجنبية لحقوقها كعمالة مهاجرة للاحتفاظ بحقها في الاقامة في ظل الظروف الدولية والبطالة التي تعانيها في مواطنهم الأصلية .
وتحدثت الدكتورة شيخة الشامسي عن الاثار الايجابية للأزمة وهي تراجع نسبة العمالة الوافدة في سوق العمل وانخفاض نسبة العمالة الاسيوية غير الماهرة على أثر تراجع النشاط العقاري وانخفاض الاستهلاك الترفي لتراجع القوة الشرائية لدى المواطنين وتوجيه الاستثمارات لمجالات أكثر جدوى من الاستثمار في القطاع العقاري .
وأوصت بانشاء مجلس للسياسات الاقتصادية على مستوى الدولة والعمل بتوصية البنك الدولي للدول النامية بعدم السماح للأجانب بالاستثمار في أسواق الأسهم المحلية ودراسة الحاجة الفعلية للوحدات السكنية للتقليل من الأسر الجماعية وسن القوانين التي تلزم رب العمل باعادة العمالة الى موطنها الأصلي ومتابعة تنفيذ هذه القوانين وتوجيه الاستثمار للمجالات ذات الجدوى الاقتصادية الفعلية للاقتصاد القومي ولا تحمل مخاطر اجتماعية.
خلال ساعات العمل الرسمية
ص.ب 130, أبوظبي - الإمارات العربية المتحدة
الحصول على الإتجاهات