أبوظبي - تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، انطلقت أمس فعاليات الملتقى العلمي حول الوقاية من التنمر والعنف في المدارس، والذي ينظمه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة والاتحاد النسائي العام بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، والذي يستمر على مدار يومين بمقر الاتحاد النسائي العام في أبوظبي.
وألقت ريم الفلاسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة كلمةً قالت فيها "إنه لمن دواعي سروري، أن ينظم المجلس الأعلى للامومة والطفولة والاتحاد النسائي العام بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة لدول الخليج العربية "اليونيسف" هذا الملتقى العلمي للوقاية من التنمر في المدارس، بمشاركة نخبةٍ متميزةٍ من الخبراء المتخصصين والضالعين في القضايا المرتبطة بالتنمر في المدارس، وأتوجه بالشكر الجزيل لمنظمة اليونيسف على تعاونها المثمر والدائم في إبراز شراكتها مع الاتحاد النسائي العام والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، كما يحذونا الأمل بأن يقوم الخبراء خلال الملتقى بطرح عددٍ من النماذج الناجحة في مجال مكافحة التنمر بين الأقران في المدارس وعرضها، بغية إطلاق عملية تطوير نموذجٍ ملائمٍ للتطبيق في دولة الإمارات العربية المتحدة، يشارك في اختياره فريقٌ وطني من الخبراء المشاركين في الملتقى".
وبدوره، قال الدكتور إبراهيم الزيق، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" لدول الخليج العربية: "يطيب لي بدايةً، أن أتقدم باسمي وباسم منظمة اليونيسف إلى صاحبة السمو الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات" حفظها الله، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بخالص الشكر والتقدير، على ما قدمته وما زالت تقدمه من دعمٍ ورعايةٍ للقضايا الإنسانية عموماً، ولقضايا الطفولة والأمومة خصوصاً محلياً وإقليمياً وعالمياً، كما نتقدم بالشكر الجزيل إلى المجلس الأعلى للأمومة والطفولة ممثلاً بالأمين العام ريم الفلاسي، وإلى الاتحاد النسائي العام ممثلاً بالأمين العام الأستاذة نورة السويدي على حسن التعاون والتنظيم والإعداد الجيد لأعمال هذا الملتقى".
وأشار إلى أن أطفال العالم يحتفلون هذا العام بمرور 25 سنة على صدور اتفاقية حقوق الطفل، التي يعتبر تصديق الحكومات عليها سابقةً في تاريخ الاتفاقيات الدولية، والتي أسهمت بتحسين حياة ملايين الأطفال، الأمر الذي يستدعي تجديد التزام الحكومات وكل المنظمات الدولية والوطنية للعمل على كفالة حقوق جميع الأطفال في كل مكان في العالم، لافتاً إلى أن الوقاية من التنمر تعدّ نموذجاً جيداً لتجسيد مبادئ وحقوق الأطفال الواردة بالاتفاقية، ومنها: تكامل الحقوق المختلفة للطفل كحقه في التعليم، وفي الحماية من كافة أشكال العنف والإساءة، والوقاية من التنمر في المدارس، والتي تعني الحد من أية عوامل قد تعيق تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها، باعتباره هدف التعليم الرئيسي كما جاء في المادة 29 من الاتفاقية، إذ تعتبر "اليونيسف" أن الوقاية من التنمر هي جزءٌ من توفير بيئةٍ تعليميةٍ آمنة، صديقة للطفل، تستهدف تعزيز رفاهيته الاجتماعية والروحية وصحته الجسدية والعقلية.
وأضاف أن التنمر جذب حديثاً العديد من الهيئات البحثية والجامعات لدراسته وتطوير برامج متنوعة للقضاء عليه، بعد اكتشاف العواقب الوخيمة عندما لايتم التصدي له، كما تعتبر الوقاية من التنمرفي المدارس أحد برامج الخطة الجديدة لـ"اليونيسف" في منطقة الخليج 2014-2017، والهدف الرئيسي لهذا البرنامج هو الوصول لمدارس خالية من التنمر لضمان بيئةٍ آمنةٍ للأطفال.
ولفت ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" لدول الخليج العربية، إلى أن "اليونيسف" في إطار استعدادها لهذا البرنامج، اتخذت مع كافة الشركاء الخطوات التالية، وهي: مراجعة عددٍ كبيرٍ من الدراسات عن التنمر والنماذج المصممة للحد منه في العديد من دول العالمإذ يستعرض هذا الملتقى ثلاث تجارب رائدةً للتعرف على أحدث التوجهات والأساليب للحد من التنمر وهي: من استراليا ومن أمريكا وفنلندا، إضافةً إلى دراسةٍ سريعةٍ عن التنمر في المدارس كما يراه الأطفال أنفسهم، وأولياء أمورهم ومعلميهم حتى يكون البرنامج الجديد مبني على رؤيةٍ واقعيةٍ لكل الأطراف، إعمالاً لحق الأطفال في التعبير عن آرائهم في المسائل التي تخصّهم.
وفي ختام كلمته، تطلّع الدكتور إبراهيم الزيق إلى أن يساهم هذا الملتقى العلمي في تطوير برنامج للوقاية من التنمر بالمدارس، ملائمٍ للبيئة التعليمية بدولة الإمارات، مؤكداً أن هذا المشروع هو نموذجٌ حقيقيٌّ للشراكة بين المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والاتحاد النسائي العام، ومكتب "اليونيسف" لدول الخليج.
ويأتي هذا الملتقى كخطوةٍ أولى لبرنامجٍ متكاملٍ بمشاركةٍ من أعضاءٍ في اللجان الصّحيّة المدرسيّة، والأخصائيين الاجتماعيّين، وأطباء نفسانيّين واختصاصيّين في علم النفس المدرسيّ، وإدارات المدارس، وأكاديميّين جامعيّين، ومجالس أولياء الأمور، نظرًا لعدم وجود برنامج للوقاية من العنف والتنمّر في مدارس الخليج، ونظرًا لوجود حاجة إلى مثل هذا البرنامج.
وخلال الجلسة الأولى من الملتقى، قدم الدكتور كين رجبي، الأستاذ في كلية التربية ومعهد بحوث هوك في جامعة جنوب أستراليا، نموذجاً عن التنمر في المدارس، وهو عبارةٌ عن دراسةٍ نموذجيةٍ أعدها بنفسه، وتهدف إلى إعطاء وصف عام لعملية التنمر عند وقوعها في المدارس، وتفترض هذه الدراسة أن التنمر تحركه عادة الرغبة في إيذاء الآخرين ممن هم أضعف من غيرهم أو التسبب لهم بالضغط النفسي، كما تعرض مجموعةً من الظروف خارج البيئة المدرسية أو داخلها أو كلاهما معاً، والتي من شأنها أن تسهم في توليد هذه الرغبة، حيث وتؤدي تلك الظروف إلى وجود بعض الطلاب الذين يستهدفون أولئك الذين لا يملكون القدرة الكافية للدفاع عن أنفسهم، والذين يلجؤون إلى وسائل متنوعة يستطيعون من خلالها فرض السيطرة على الآخرين وإذلالهم.
وأشار خلال عرض دراسته، إلى أن سلوك التنمر يعتمد ظهوره ونموه من عدمه بشكلٍ جزئي، على البيئة الاجتماعية في المدرسة، والتي تشمل على عوامل التمكين المختلفة كاللامبالاة التي يمكن أن تظهرها إدارة المدرسة في تعاملها مع سلوك التنمر، أو تشجيع التنمر من خلال زملاء مؤثرين، بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي يمكن أن تحدّ من هذا السلوك كالإدارة الفاعلة للفصل الدراسي، وتعليمات المدرسة المناهضة للتنمر، واللجوء إلى المراقبة المستمرة لسلوك الطلاب عن طريق الكوادر العاملة في المدرسة، لافتاً إلى ضرورة الانتباه إلى الاستراتيجيات الوقائية التي يمكن تطبيقها لتعزيز الذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية الإيجابية، من خلال الأنشطة المنهجية، واستخدام طرق التدخل المناسبة عند وقوع التنمر، إضافةً إلى أهمية تطوير العلاقات التعاونية مع أولياء أمور الطلاب المنتظمين في المدرسة.
أما في الجلسة الثانية، فقدمت الدكتورة مارلين سنايدر مديرة تطوير برنامج "ألفويس" لمنع التنمر في الولايات المتحدة الأمريكية، نظرةً عامةً عن هذا البرنامج، وكيفية خلق بيئة تعلمٍ آمنةٍ وداعمة، وأشارت إلى أنه تم استخدام هذا البرنامج بشكلٍ رئيسي في شمال أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية، كما تم تقويمه باستمرار، إذ أثبت نجاحه في بعض الأماكن لكنه لم ينجح في البعض الآخر في تقديم النصح والإرشاد ضمن محوري الوقاية والتدخل، كما لفتت إلى أن برنامج خطوات لتحقيق الاحترام يحظى أيضاً باستخدامٍ واسعٍ في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يؤيد فكرة استخدام الدراسات المسحية في المدراس للحصول على بياناتٍ واقعيةٍ وحقيقية ٍحول التنمر في المدرسة، وحول مدى التقدم في هذا الاتجاه، ويركز على اللجوء إلى إعطاء محاضرات حول التنمر داخل الفصل الدراسي، وحول الكيفية التي ينبغي على الطلاب تعلمها لانتقاء الأصدقاء، وللتمييز ما بين المشاعر المختلفة، ولتمييز حالات التنمر والإبلاغ عنها، وعرضت معلومات عن برنامج المدارس الصديقة، الذي يستخدم في بعض المدارس في أستراليا، ويسعى لتقديم الإرشاد للمدارس والطلاب وأولياء الأمور، ويرتبط بالأهداف الواردة في الإطار العام للمدارس الوطنية الاسترالية الآمنة، ويركز على المرونة، والتواصل الإيجابي، والإدارة الذاتية، ومهارات العلاقات والمسؤولية الاجتماعية، كما يقدّم معلوماتٍ تفصيلية للمعلمين حول تعاملاتهم اليومية مع الطلاب داخل الصف، كما تطرقت للحديث عن برنامج سيل الذي يركز على وجه الخصوص على مساعدة المعلمين في تنفيذ تدريس محتوى المنهج الدراسي، وذلك لمساعدة الأطفال في فهم عواطفهم، وفي التفاعل البناء مع الأقران، وفي اكتساب المهارات اللازمة للاندماج مع المجتمع.
وفي الجلسة الثالثة للملتقى، قدّمت الدكتورة مييا ساينيو، الدكتورة في علم النفس بجامعة توركو في فنلندا، ورقة عمل عن طرق الوقاية من التنمر في المدارس بالعتماد على برنامج "كيفا ضد التنمر"، وكيف تحول من قصة النجاح المحلي إلى التطبيق الدولي، إذ استخدم هذا البرنامج في فنلندا على نطاقٍ واسع، وهو يقدّم النصح والإرشاد للمعلمين وأولياء الأمور، ويوفر أيضا معلومات تفصيلية حول التعامل مع الطلاب في الفصل الدراسي، ويؤكد على أهمية النقاش حول مواضيع التنمر مع الطلاب، وأهمية أن يتبنى كل فصل دراسي القواعد التي من شأنها أن تحكم طبيعة العلاقات مع الأقران والمسؤولية الشخصية، كالمسؤولية التي تقع على عاتق المتفرجين الذين يشاهدون التنمر في المدرسة.
وقد أظهرت الأبحاث الثلاثة المعمقة والشاملة التي تمت مناقشتها خلال الملتقى، حول النماذج الناجحة المختلفة لبرامج الوقاية من العنف والتنمّر في المدارس، أنّ عددًا من الدول طبّقت على مرّ السنوات برامج ناجحة مختلفة لمعالجة هذه القضايا، ما يتيح إمكانية جمع عددٍ من النماذج الناجحة بُغية إطلاق عمليّة تطوير
يذكر أن الملتقى شهد حضور ريم الفلاسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والدكتور إبراهيم الزيق، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" لدول الخليج العربية، وأعضاء مجلس إدارة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، إضافةً إلى عددٍ من ممثلي الوزارات والمجالس والهيئات والجمعيات والجامعات والمنظمات في الدولة، ومجموعةٍ من أعضاءٍ اللجان الصّحيّة المدرسيّة، والأخصائيين الاجتماعيّين، والأطباء النفسيين، والاختصاصيّين في علم النفس المدرسيّ، وإدارات المدارس، وأكاديميّين جامعيّين، وممثلين عن مجالس أولياء الأمور.
وتجدر الإشارة إلى أن الملتقى سيشهد اليوم إنعقاد ورشات عمل خاصة، وسيتمّ خلالها عرض بعض النماذج الناجحة حول التنمر، كما سيتم تشكيل مجموعات عمل من المشاركين للبحث والتوسّع في كيفية مواءمة هذه النماذج لتتناسب مع واقع دولة الإمارات.
خلال ساعات العمل الرسمية
ص.ب 130, أبوظبي - الإمارات العربية المتحدة
الحصول على الإتجاهات