أخبار المؤسسة

نورة السويدي: الشيخ زايد آمن بأن المرأة في علمها وثقافتها أساس تقدم ورُقي الدولة

مجلة 999- خالد الظنحاني // إنها سيدة إماراتية عملت بجد وإخلاص وحرصت على تحصيل العلم والمثابرة من أجل التقدم والرقي وخدمة الوطن. خاضت تجارب وظيفية عديدة وقدمت نفسها كإمرأة قادرة على كسب التحديات والمضي قُدْماً في طريق المجد. كان عملها مع أخواتها النساء في «جمعية المرأة الظبيانية»، أحد أهم محطات العمل في حياتها والتي أبلت بلاءً حسناً فيه، وهو ما لَقي استحسان «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأُسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «حفظها الله». ففي عام 1999 صدر مرسوم من المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بتعيينها مديرة للاتحاد النسائي العام. إنها نورة خليفة السويدي التي شهدت تطورات قيام اتحاد الإمارات، ووقفت على الدور الفاعل الذي قام به الشيخ زايد في دعم المرأة الإماراتية. وفيما يلي نص شهادتها وحكايتها وذكرياتها مع الشيخ زايد «طيّب الله ثراه».

 

دَرستُ في جامعة الإمارات العربية المتحدة وكنت حريصة جداً على التحصيل العلمي، لأني أدركت أن العلم هو سر النجاح والتفوق من أجل العمل على خدمة الوطن، وبفضل الله ثم التشجيع الأسري حصلت على بكالوريوس علم نفس بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف من «جامعة الإمارات العربية المتحدة».

وبعد التخرّج عملت في كل من وزارة التربية والتعليم وجمعية نهضة المرأة الظبيانية، وأثناء عملي كنت ولا زلت أؤمن بأن العمل الجاد والإخلاص والتفاني هو السبيل في تقدم ورفعة وطننا الحبيب.

في عام 1999 صدر مرسوم من المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بتعييني مديرة للاتحاد النسائي العام في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان لي الشرف في تولي هذا المنصب حيث أصبحت أشعر بمزيد من المسؤولية الملقاة على عاتقي لمواصلة مسيرة الاتحاد النسائي العام، هذا الصرح الذي تم تأسيسه بفضل جهود سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «حفظها الله» وبفضل دعم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث كان له الدور الكبير في وضع الأساس الكامل للاتحاد النسائي العام، ورافقته في ذلك سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك والذي كان في بداياته عبارة عن جمعيات نسائية في إمارات الدولة، وتطورت الفكرة لإيجاد كيان يوحّد العمل النسائي على مستوى الدولة، كآلية من آليات الاتحاد في خلق مؤسسات داعمة لاتحاد الإمارات، ثم جاء توجيه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لمواصلة العمل، وبدأنا بتحقيق رؤية سموه ورؤية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «حفظها الله»، من أجل النهوض بالمرأة والارتقاء بها في كافة المجالات كشريك رئيسي مع أخيها الرجل هدفهما معاً مصلحة الوطن.وكانت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك تجتمع مع النساء في مجلس سموها وتستمع لمقترحاتهن ومطالبهن.

أول لقاء

 

لازلت أذكر أول لقاء جمعني بالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، وكان ذلك في «قصر البحر» في أبوظبي بحضور قرينته سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة جمعية نهضة المرأة الظبيانية آنذاك، وذلك أثناء لقائه مع القيادات النسائية في الدولة، فقد كان «رحمه الله» يحرص على الاجتماع مع القيادات النسائية في الدولة، يتكلم معهن مباشرة، ويستمع جيداً إلى مقترحاتهن ويجري اتصالاته بسرعة مع الجهات المعنية من أجل تحقيق كافة مطالبهن.

عقب ذلك، توالت لقاءاتنا بالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «رحمه الله»، فقد كان يزور الاتحاد النسائي العام باستمرار ويلتقي بالموظفات، ويقدّم لنا جميعاً التشجيع والدعمين المادي والمعنوي، لقد كانت صلته قوية بالاتحاد النسائي العام، وكان يحترم المرأة النشطة العاملة المثابرة، ويشجع العمل النسائي في الدولة ويعمل على توفير كافة السبل من أجل تحقيق ذلك.

لقد ناصر المرأة وكان دائماً يحثنا على الاهتمام بها، وأمر ببناء الجمعيات النسائية ومراكز محو الأمية للنساء اللواتي فاتهن قطار التعليم وذلك بإيمان منه أن المجتمع الحضاري لا يقوم بعمل جنس واحد، وإنما يقوم على التعاون من جانب كلا الجنسين، لقد كان مؤمناً بأن المرأة في علمها وثقافتها أساس تقدم ورقي الدولة، وأن الإسلام منحها حق التعليم ولا يحق لأحد أن يسلبه منها.

لقد كانت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك يده اليمنى،  يعملان بإخلاص وتفانٍ لنشر العلم والتعليم وجعله إلزامياً للأبناء والبنات على السواء، وقد حرص سموه دائماً على الالتقاء برؤساء القبائل والآباء وإقناعهم بضرورة تعليم بناتهم وإرسالهن للمدارس والجامعات، كما كانت سمو الشيخة فاطمة تلتقي بالأمهات من أجل ذلك أيضاً.

 

العمل شرف

أما بالنسبة لعمل المرأة فقد كان يوجهنا دائماً إلى أن العمل شرف ولا فرق فيه بين الذكور والإناث فهم سواسية في ذلك، وأنشأ «رحمه الله» المؤسسات والهيئات التي تكفل العمل في أنحاء الدولة كالمدارس والمستشفيات ومراكز الإعلام والحضانات والمكتبات وغيرها، وأوجد فرص عمل للمرأة كي تشارك في مسيرة النهضة لتزداد معارفها ومعرفتها بمجالات العلم والعمل كافة، فأصبحت المرأة معلمة وطبيبة ومهندسة ومذيعة وصحفية وباحثة اجتماعية وعملت في كل المجالات التي تتناسب مع طبيعتها وتحمي عاداتها وتقاليدها، وقال رحمه الله قولته الشهيرة (إن المرأة العربية في دولتنا تدرك أهمية المحافظة على عاداتنا الأصيلة المستمدة من تعاليم الدين الإسلامي وتعرف حق المعرفة أن الإسلام هو الذي أعطى للمرأة منذ أربعة عشر قرناً ما تحاول المرأة في أرقى الدول أن تحصل عليه الآن)، وكان يوجه النساء للاهتمام بالحِرف التقليدية والحِرفية، لقد كان نعم الأب، والمربي يشجع باستمرار على العلم والعمل.

وهكذا، فقد حصلت المرأة في عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «رحمه الله» على كافة حقوقها حيث كفل لها الدستور كرامتها وصان كيانها، وقد آمن رحمه الله أن المرأة هي نصف المجتمع، وأنه لا يمكن لأي دولة أن تبني نفسها بجعلها المرأة غارقة في ظلام الجهل أسيرة لأغلال القهر.

 

الأب الحنون

لقد جمعتنا معه «طيّب الله ثراه» علاقة متينة كعلاقة الأب الحنون بأبنائه وبناته، وتعلّمنا منه الكثير مما يصعب إيجازه في هذه الكلمات، يكفي أنه وحّدنا وعلمنا وأعطانا من حبه وعطفه ووده الكثير، كان قريباً منا وكانت قلوبنا قريبة منه، يتابع عن كثب تساؤلاتنا ويلبي احتياجاتنا ويقاسمنا أفراحنا وأتراحنا في كل وقت، لذا ستظل ابتسامته التي كانت لا تفارق ثغره في قلوبنا، ومهما قلت أو كتبت من مشاعر فلن أوفيه حقه.

لقد غاص المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد في أعماق بيئته واستلهم ماضيه وتاريخه، ليكتب ملحمة التطور بفكره الخالص الهادف لخدمة الإنسان، كان فكره نقياً نقاء الأرض الطيبة وكانت البساطة والإيمان محور شخصيته ومصادر قوته وسر نجاحه، وقد استلهمنا ذلك من خلال زياراته المستمرة للاتحاد النسائي العام.

كان يدرك أن الوطن يُبنى بسواعد أبنائه وبناته، لذا عمد إلى أن يضع في أيدي أبناء الوطن أقوى سلاح وهو العلم فكانت طفرة التعليم التي قادها تعم أرجاء الإمارات فانتشرت المدارس المتطورة بمختلف مراحلها وفتحت أبواب العلم أمام المرأة حتى تبوأت المرأة مراكز متقدمة جدا في حقل التعليم وصارت تنهل يومياً من معين العلم والمعرفة.

لقد كان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان مدرسة قائمة بحد ذاتها تعلمنا منه الشموخ والإباء، العزم والتحدي، الصبر والإصرار، الرحمة والعطف، وإغاثة الملهوف، لقد كان نموذجاً يُحتذى به في فن القيادة، فهو الأب الحنون، والقائد المحنك، والمفكر المبدع، استطاع أن يحول أفكاره وآماله إلى أعمال خالدة، لقد صبر وجاهد من أجل نهضة بلادنا وأسس اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وبفضله استطاعت الإمارات أن تصبح دولة مرموقة لها مكانتها المهمة على خريطة العالم.

 

الوطن والإنسان

كان همه الوطن والإنسان، طوّر الوطن وأخذ بيد مواطنيه نحو التقدم والازدهار، زرع الأرض الصحراوية القاحلة بالإرادة الصادقة والإصرار، فاعشوشبت واكتست بالخضرة بعد الجفاف، وحوّل الصحراء إلى واحات غنَّاء ومزارع يانعة، وبنى المدن بشكل ينافس أجمل مدن العالم وأكثرها تطوراً فأشرقت شمس إماراتنا على العالم وصارت بلادنا قدوة لكثير من البلدان.

لقد كانت قضية الارتقاء بالإنسان واعتباره العنصر الأساسي لنهضة الوطن من أهم القضايا الداخلية التي اهتم بها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو أول من قال: (لا فائدة للمال إذا لم يسخر لصالح الإنسان)، ولم يقتصر كرمه وعطاؤه على أبناء شعبه فقط، وإنما عم خيره في كل مكان على وجه الأرض ليغيث المنكوبين ويساعد الفقراء والمحتاجين، وكم كانت محبته للعروبة وولاؤه لكافة القضايا النبيلة التي تخص الأمتين العربية والإسلامية، وهو «رحمه الله» أول من نادى بعودة مصر إلى الصف العربي وهو أول من أرسل المعونات الطبية والغذائية للشعب العراقي المحاصر، وكم كان حرصه وولاؤه لقضية فلسطين وتوفير كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي لأهلها، فهو من أمر بتمويل إعادة إعمار «مخيم جنين» بعد تدميره من قبل قوات «الاحتلال الإسرائيلي»، وكذلك تمويل بناء أكثر من 400 منزل في رفح بقطاع غزة وذلك لمساعدة أبناء الشعب الفلسطيني في تجاوز محنتهم التي يواجهونها.

 

إنسانية زايد

كان «طيَّب الله ثراه» يتألم مع آلام كل نفس حتى وإن كانت على بُعد آلاف الأميال، ولا زلنا نذكر العديد من البعثات الطبية التي كان يرسلها دائماً على امتداد الجرح العربي والإسلامي حيثما وجد ومنها مثلاً: (بعثة العطاء لزايد الخير) التي نفذها فريق الهلال الأحمر الطبي في مدينة الخرطوم في السودان لإجراء عمليات القلب المفتوح، ثم تم تنفيذها أيضاً في العديد من الدول ولا زالت مستمرة إلى يومنا هذا.

 وكم هي أعداد الميادين والشوارع التي تحمل اسمه في كل الدول العربية والمدن المزدانة بـ (زايد)، مثل مدينة الشيخ زايد، ومساكن الشيخ زايد، ومساجد الشيخ زايد، والعديد من المشاريع العملاقة التي تحمل اسمه الخالد «رحمه الله» في كل الأنحاء، فقد كان عظيماً في حنانه وعطائه، وكانت مشاعره فيّاضة ومتدفقة ومتوالية، وكم كانت عظيمة وفعّالة أقواله ومبادراته، وقد وقف التاريخ شاهداً على كل ذلك.

ولا شك أن القلب والعقل لن يستطيعا إحصاء عطاياه ومواقفه النبيلة التي كانت عوناً لجميع من حوله، فأعماله الجليلة ستظل خالدة على مر الزمن محفورة ومحفوظة في قلوب الجميع ولن تمحوها ذاكرة السنين.

تواصل معنا

خلال ساعات العمل الرسمية

الإثنين-الخميس: 8:00 صباحاً - 3 ظهراً
الجمعة: 7:30 صباحاً - 12:00 ظهراً

ص.ب 130, أبوظبي - الإمارات العربية المتحدة

الحصول على الإتجاهات