خلال أعمال الجلسة الثانية من المؤتمر
إشادات بمستوى التعليم في الدولة ودعوات لتوسيع آفاقه وانخراط المرأة في سوق العمل
جريدة الاتحاد 4/2/2009
أبوظبي
عبدالرحيم عسكر-أمل المهيري: تناولت الجلسة الثانية للمؤتمر السنوي الرابع عشر للموارد البشرية والتنمية في الخليج العربي سياسات التعليم في دول الخليج، وضرورة مواكبتها متطلبات العصر وحاجات سوق العمل.وترأست الدكتورة ابتسام الكتبي الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية بجامعة الإمارات أعمال الجلسة التي جاءت بعنوان ''خريطة طريق لتنمية الموارد البشرية (الاحتياجات والتطوير)''، حيث ركزت على ضرورة مواكبة التعليم لاحتياجات التنمية، وفرص المرأة في سوق العمل والتحديات التي تواجهها، ودور الإعلام في مساندة خطط التنمية ومواجهة تحدياتها.
وقدمت كل من الدكتورة سالي فندلو، مديرة برنامج التدريس والتعلم في التعليم العالي في كلية السياسة العامة والممارسة المهنية في جامعة كيل بالمملكة المتحدة، والدكتورة حصة لوتاه، الأستاذة في كلية العلوم السياسية والاجتماعية بجامعة الإمارات، ورقتي عمل حول التعليم ومواكبته لاحتياجات التنمية.
وركزت فندلو في ورقتها، على دور سياسات التعليم في دول الخليج ودولة الإمارات تحديداً، خصوصاً في قضايا التعليم العالي، مؤكدة أنه من المهم عند الحديث عن الموارد البشرية الأخذ بجميع أهداف التنمية، بما فيها التحولية والتحررية والاتصالية، حيث إن مفهوم التنمية البشرية واسع، وهو يشمل - من بين ما يشمله - توافر المستويات المعيشية الراقية، فضلاً عن التعليم والصحة، مضيفة أن عوامل التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تعد هي الأخرى، مسائل مهمة في قضايا التنمية المستدامة.
وقالت إن التعليم يعد لبِنة الأساس في العالمين النامي والصناعي؛ لخلق المواطنين المبدعين التنافسيين معاً، وإن اتساع الفرص التعليمية في دولة الإمارات ساعد على خلق جيل جديد من المواطنين من الليبراليين، لهم أفكار راسخة عن مفاهيم الانتماء الوطني، مشيرة إلى أن التعليم الشامل في المستويات العليا يعد أمراً بالغ الأهمية، في خلق المواطنين المبدعين، ويجب أن تتضمّن هذه المقاربات التعليمية أبرز القضايا المعاصرة؛ كالتغيرات العالمية، وقضايا الهجرة، وآليات الموازنة بين الأبعاد العالمية والأبعاد المحلية للأفكار المهيمنة عالمياً، وبين القيم المحلية الملهِمة.
ونوهت إلى أن التوازن بين العالمية والمحلية في نظام التعليم وسياساته في دولة الإمارات، يتواجد في الاستجابة المحلية للتعليم، خصوصاً في إقبال النساء عليه بنسب كبيرة، إضافة إلى تكوين الهيئات التربوية المختصة التي تشمل النساء، والعاملين الدوليين كذلك، ومن هنا، يتعين عدم حصر النظام التربوي للدولة في التدريس فقط، وإنما ينبغي له أن يضطلع بنشر الأفكار والقيم التي تفضي إلى تشجيع التسامح والسلام.
من جانبها، أشارت الدكتورة حصة لوتاه إلى أن مفهوم التنمية بحاجة إلى مراجعة، إذ ينطوي هذا المفهوم بصورته المتداولة على نظرة مادية خالصة تجعل من الإنسان ''مورداً''، بما يترتب على ذلك من أهمية تطويعه وتغييره، وفقاً لهذه النظرة.
وأضافت لوتاه ''في ظل هذه الرؤية للتنمية، ظهر مفهوم التعليم المواكب للتنمية، وبرزت أهمية التعليم وسوق العمل، التي تحتل مكاناً بارزاً في الجدل الفكري الدائر الآن في دول الخليج''، وانتقدت سوق العمل في الإمارات التي اعتبرتها غير مبنية على إنتاجية حقيقية للإنسان، بل تقوم على السياحة والخدمات، كما أن التعليم يركز على قطاع معين من فئة الشباب، ونوع معين من التعليم، جرى معه استبعاد العلوم الإنسانية التي نُظر إليها على أنها غير ذات جدوى.
وأوضحت أن التركيز الذي يشهده العالم اليوم على التعليم التقني والتعليم التطبيقي، مهم إلا أنه وحده لا يكفي، حيث إن قادة العالم السياسيين والفكريين تخرجوا في كليات العلوم الإنسانية، وقرارات الدول الكبرى التي تحكم العالم، تقوم على إنتاج مراكز بحوث، يقودها علماء ومتخصصون اجتماعيون، وأي تقليل أهمية العلوم الإنسانية يتجاهل هذه الحقائق.
وأشارت لوتاه إلى أن كثيراً من الأفكار المرتبطة بالتنمية في دول الخليج، هي خرافات اكتسبت بالتكرار والإلحاح وجوداً فعلياً قوياً، موضحة أن فكرة عدم كفاءة المواطنين هي فكرة استعمارية الجذور، تدور حول افتقار الشعوب المحتلة إلى الكفاءة، وحاجتها إلى إعادة التأهيل. إن هذه الفكرة الخاطئة موجودة في الخليج فقط، وجوهرها أن دول الخليج تمتلك ثروات لا يستحقها أبناؤها، ويجب انتزاعها منهم.
وفي الموضوع الثاني من الجلسة الذي تناول الفرص والتحديات التي تواجه المرأة في سوق العمل، قالت الدكتورة فاطمة الشامسي أمين عام جامعة الإمارات إن أهمية عمل المرأة تنبثق من عدة عوامل، أهمها زيادة القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني، وتعزيز دورها الإنتاجي. ويكتسب عمل المرأة أهمية خاصة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بسبب الخلل في التركيبة السكانية، وضرورة تقليص حجم الاعتماد على العمالة الأجنبية.
وأضافت الشامسي أن المؤشرات المختلفة تشير إلى أن المرأة الخليجية في وضع أفضل من نظيرتها العربية، من حيث الإلمام بالقراءة والكتابة، كما أنها تتفوق على الرجل في بلادها من حيث الالتحاق بمستويات التعليم المختلفة، موضحة أن مشاركة المرأة الخليجية في سوق العمل بشكل إيجابي بدأت منذ بداية الستينيات، وخصوصاً في دولة الكويت والبحرين والإمارات، لكنها ما زالت بنسب متدنية مقارنة بدول العالم، إذ يلاحظ أن نسب مشاركة المرأة الخليجية في سوق العمل تتراوح بين 15 و24%.
وأشارت إلى أن المرأة في دول الخليج تجد فرصاً تعليمية في جميع المراحل، وحماية لها من الحاجة المادية، وخدمات مساعدة لرعاية الأطفال بالنسبة إلى الأم العاملة، وهناك تشريعات مساندة لها، إلا أنه من الملاحظ وجود تحيز ضد المرأة في بعض الوظائف، خصوصاً في القطاع الخاص، هذا فضلاً عما تواجهه من منافسة شرسة في سوق العمل من طرف العمالة الأجنبية، وقيود ثقافية واجتماعية تحرمها من بعض الوظائف.
وطرحت الشامسي مجموعة من الحلول للتغلب على هذه التحديات من خلال بناء القدرات، وتحسين مصادر الدخل، وتبني سياسات للتوطين، وتعزيز استقطاب القطاع الخاص للنساء، وتطوير الموارد البشرية، وخلق الوعي المجتمعي بدور المرأة وعملها، والتوعية الإعلامية والدينية حول ضرورة إعطاء المرأة الحق في العمل المناسب والتخصص الدراسي المناسب، وتشجيع النساء على القيام بالمشروعات الخاصة.
وفي المحور الثالث الذي تطرق إلى دور الإعلام في مساندة خطط التنمية ومواجهة تحدياتها، أوضح تركي بن عبدالله الدخيل، رئيس مركز المسبار للدراسات والبحوث، أن وسائل الإعلام لعبت دوراً مهماً في التنمية، من خلال تبني قضايا الإبداع، والدفاع عن حقوق المرأة، ومبدأ المواطنة، مشيراً إلى أن الإعلام أصبح في عصر الفضائيات يملأ فراغاً جديداً، وأصبحت الفضائيات تحل محل الأحزاب السياسية في توجيه الرأي العام، خصوصاً مع غياب الأحزاب وموت الأيديولوجيا.
وقال إنه في مختلف المراحل التي مر بها مفهوم التنمية منذ الستينيات، وتركيزه آنذاك على الجوانب الاقتصادية، إلى المرحلة الراهنة التي يُنظر فيها إلى التنمية بوصفها عملية شاملة ولها أبعاد ثقافية واجتماعية، كان للإعلام دور تنموي مهم في نشر ثقافة التنمية.
وأكد على أن الإعلام يجب أن يقوم ببلورة وعي الناس بقضايا التنمية، وتعديل أفكار المجتمع ونظرته تجاه الأولويات، حيث يجب أن يدعم التعليم، وأن يؤكد على حق الأطراف المهمشة، مهما كان جنسها أو عرقها، في الحصول على فرص متساوية ضمن حقها في التنمية، وتشجيع الشباب وإبراز مواهبهم، وتحفيز المنهج النقدي، والتشجيع على قيم الشفافية والمحاسبة وتكافؤ الفرص، وتعزيز الإحساس بالمسؤولية لدى الأفراد، وتنمية الوعي البيئي، وغير ذلك.
من ناحيته، أشار كولن راندل المحرر التنفيذي لصحيفة ''ذي ناشونال''، إلى أن إطلاق هذه الصحيفة في دولة الإمارات، لم يتطلب مجرد تعيين الموظفين والاهتمام بالخدمات اللوجيستية المتعلقة بتأسيس الصحيفة؛ وإنما كان الأمر عملية مشاركة في مسار تنموي أوسع، يشمل دور الإعلام في منطقة الخليج عموماً، مؤكداً أن وسائل الإعلام جزء أساسي من التنمية؛ وعلى الصحفيين لعب دور المراقبين عند إعداد التقارير حول المشاغل اليومية للمواطنين والسياسات الوطنية الأوسع، باعتبارهم جزءاً من عملية تنموية أوسع، وتقع على عاتقهم مسؤوليات وواجبات أداء دورهم في مختلف هذه القضايا.
خلال ساعات العمل الرسمية
ص.ب 130, أبوظبي - الإمارات العربية المتحدة
الحصول على الإتجاهات