أخبار المؤسسة

جواهر القاسمي..المرأة الإماراتية تشكل محورا رئيسيا ورقما بارزا في مسيرة البناء والتنمية

الشارقة في 26 ديسمبر /وام/ عند الحديث عن المرأة والتنمية في الإمارات فإنه ينبغي التوجه لشخصيات تملك خلفية كافية عن المرأة الإماراتية وموقعها وموقفها من قضايا التنمية في مجتمعها.. ومن بين هذه الشخصيات قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة والتي تعد من الإماراتيات المنشغلات بالشأن النسوي والتنموي في الدولة لكونها امرأة و مسؤولة إضافة لامتلاكها خبرة جيدة في قضايا التنمية.

وبدافع ما سبق أجرت وكالة أنباء الإمارات معها حوارا شاملا حول عدد من المحاور التي تتعلق بالمرأة والمجتمع الإماراتي والخليجي ولم تشأ سمو الشيخة جواهر ان يكون الحوار محكوما بقواعد اللقاء الصحافي فكان حوارا لا تحكمه حدود تميزه الصراحة ووضوح الرؤية والتحليل وتناول في بعض جوانبه مكانة المرأة الإماراتية وما وصلت إليه حتى أصبحت تشغل مناصب كبيرة ووظائف مهمة في القطاعين الحكومي والأهلي ووصلت إلى مرتبة وزيرة ومديرة ورئيسة بفضل كفاءتها وبدعم حكومي وقيادي وتشجيع الأهل أيضا حيث قالت سموها إن اللسان ليعجز بل إن الحبر يجف من القلم عن ذكر المنجزات أو المكتسبات التنموية التي تحققت في عهد اتحادنا الزاهر.
وثمنت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي حرص قيادتنا الرشيدة بعد قيام الدولة على تحقيق حياة أفضل للمرأة وتعليمها مما أفرز زيادة في عدد العاملات من النساء وأصبحت مشاركة ومساهمة المرأة في التنمية الاقتصادية لم تعد مجالا للمناظرة أو المجادلة.
وأكدت سموها ان المرأة الإماراتية ولأكثر من ثلاثة عقود كانت حاضرة بوضوح في مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها الدولة ولم تشتك خلالها من العباءة لأنها لا تثبط همتها ولا تعيق حركتها.
ورفضت سموها التغيير في حياة المرأة عندما يكون تقليدا وانسياقا وراء نماذج معينة ورحبت بالتغيير الإيجابي ضمن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف والضوابط الشرعية.
وشددت على ان قبول مصطلح العولمة يتطلب أول ما يتطلب فهم الذات والواقع وبناء وترتيب الوضع الداخلي ترتيبا محكما ومتينا يمكننا من الانطلاق إلى الإقليمية ومن ثم إلى العالمية أما القفز فوق العقبات والحواجز ونقاط الضعف فلن يذهب بهذه النقاط بعيدا بل سيكون كمن يغلق على جرح ملتهب أصلا لا يزيده الإغلاق إلا التهابا ومرضا.
وأكدت ان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي يعد بحق الرائد للتعليم في الإمارة فهو مؤسس المسيرة التعليمية والمتابع لتطوراتها وانتقالاتها المرحلية واهتم كثيرا بهذا الجانب منذ مرحلة مبكرة لذلك لم يكن مستغربا أن يكون أول وزير للتربية والتعليم في بدايات نشأة الاتحاد.
ووجهت شكرها لصاحبة السمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة على جهودها وإسهاماتها الرامية إلى تطوير دولة الإمارات بشكل عام والمرأة الإماراتية بشكل خاص.
منذ أيام احتفلت الدولة بيومها الوطني الثامن والثلاثين.. كيف تقرؤون سموكم مسيرة المرأة الإماراتية قديما وحديثا ؟ وما هي أهم المتغيرات والتحولات التي أثرت فيها ؟ .
** في الحقيقة مر مجتمع الإمارات بتغيرات وتحولات اجتماعية واقتصادية كثيرة وسريعة ومتلاحقة خاصة بعد قيام الاتحاد شملت مختلف نواحي الحياة وهذه التحولات خاصة في المجال الاجتماعي ترتب عليها وجوب إعادة النظر تجاه تحمل المسئولية التي تقع على مواطني هذه الدولة سواء كانوا رجالا أم نساء وذلك لتحقيق هدف منوط بهم جميعا وهو أخذ زمام المبادرة في النواحي الاقتصادية والاجتماعية ..كما أن مجتمعنا تعرض بعد ظهور النفط للعديد من رياح التغيير نتيجة لظروف التحول من مجتمع كان اقتصاده يعتمد على الصيد والرعي إلى مجتمع المدن الحديثة الذي صاحبه انفتاح على العالم الخارجي بكل تقنياته وثقافاته صاحب ذلك اهتمام الدولة بتحسين مستوى المعيشة وهذا لا يأتي إلا بتكاتف الجميع رجالا ونساء لان عالم اليوم تتشابك فيه اقتصاديات السوق ومصالح التنمية ورغم ان دور الحكومة وجهودها لم تقتصر على خدمة المرأة ودورها الأسري المعروف فقط بل أتاحت لها الفرصة للمساهمة الايجابية في المجال الاجتماعي والاقتصادي ..وإذا ما نظرنا إلى مجتمعنا في حقبة ما يسمى قبل الطفرة نجد هناك العديد من النساء كان لهن دور بارز في العملية الاقتصادية والتنموية فلقد عانت المرأة في مجتمع الإمارات التقليدي مع الرجل عنف وقسوة الحياة وتقاسمت زوجة الغواص مع زوجها مخاطر المهنة على شاطئ الخليج وبسبب ضيق ذات اليد وندرة مصادر الدخل كانت مضطرة للقيام ببعض الأعمال التي تدر عليها ربحا في أثناء غياب زوجها في عرض البحر وساهمت زوجة المزارع في العملية الإنتاجية وقامت المرأة في البادية بكثير من الأعمال فهي ترعى الغنم وتجلب الحطب والماء وتنسج الخيام وتحول الخشب إلى فحم وتقوم بالزراعة وبغيرها من الأعمال ولكن منذ اكتشاف النفط مر مجتمعنا بمرحلة تغير ثقافي واجتماعي سريع انسحب أول ما انسحب على وضع المرأة فتغير موقعها تدريجيا في المجتمع واختلفت علاقتها بالرجل ووضعها في الأسرة وبعد قيام الدولة حرصت قيادتنا الرشيدة على تحقيق حياة أفضل للمرأة وتعليمها مما أفرز زيادة في عدد العاملات من النساء وأصبحت مشاركة ومساهمة المرأة في التنمية الاقتصادية لم تعد مجالا للمناظرة أو المجادلة ولا اعتقد بأنه مازال احد حتى اليوم من ينكر على المرأة حقها هذا ..والحمد الله اليوم في دولتنا أصبحت قضية تعليم المرأة والعمل محسومة والأكثر من ذلك أنها مارست حقوقا سياسية.. أي حق الانتخاب والترشيح والتعيين في المؤسسات الحكومية ذات القرار النافذ ومجالس البلديات وغرف التجارة والصناعة لأن اي مجتمع ينشد الأمان والاستقرار لابد ان يكون مجتمعا ثنائيا وألا يغيب دور المرأة عن الحياة العامة ..واسمحوا لي بمناسبة اليوم الوطني ان أتقدم باسمي وباسم نساء الإمارات بكل التقدير والاعتزاز للمواقف الجليلة والرائعة التي وقفتها قيادتنا الرشيدة بصمودها وثباتها وإصرارها على أن يتحقق الإصلاح الشامل الذي تجسد في هذه المرحلة بحصول المرأة الإماراتية على كامل حقوقها السياسية.

* تمثلون في دولة الإمارات المرأة التي تشارك في بناء دور فاعل ومشرف للنساء الإماراتيات.. فكيف تنظرون إلى واقع ومستقبل دور المرأة في الإمارات والمنطقة الخليجية؟.
** للمرأة دور كبير في الإمارات والمنطقة الخليجية ولا يمكن النهوض بأي مجتمع وتحقيق التنمية الشاملة دون اشتراك جميع عناصر المجتمع..فلقد قدمت المرأة بشكل عام نموذجا فريدا من خلال مشاركتها الفعالة على جميع الأصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتطوعية فهي تساهم في نمو وتطور المجتمع بخطوات ايجابية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الإمارات ..كما برز دور المرأة الإماراتية كعنصر مشارك في سوق العمل ضمن ثوابتنا الإسلامية وتقاليدنا وعاداتنا الاجتماعية في مجالات عدة حققت التوازن للمجتمع وأثبتت أن العنصر النسائي والمؤهل قادر على التكييف والإشراف والتنسيق والتخطيط والعمل بجدية وكفاءة وامتهان مختلف الأعمال ..وعموما إسهامات المرأة برزت كثيرا في الآونة الأخيرة على نطاق الإمارات وضمن المنطقة العربية ككل فهي موجودة في قطاعات عدة كونها امرأة متعلمة ومدركة لمسؤولياتها ومؤدية لدورها كزوجة وأم عاملة وسيدة أعمال فلقد ظهرت في ملتقيات ومنتديات عالمية وعربية جاءت فيها مشاركة في مجالات مثل التوظيف والاستثمار وفي تنمية الموارد البشرية وهذا ما سيعكس في المستقبل القريب الصورة النموذجية المشرفة لدور المرأة ويعزز ثقتها بنفسها ..ولا يفوتني التنويه بضرورة دراسة الماضي لأن مشاركة النساء في شتى مجالات العمل كانت محدودة جدا واقتصرت إجمالا على العمل المنزلي أو في مجالات محددة والتعرف على طبيعة الأدوار الحالية التي تلعبها المرأة وبالتالي الوصول إلى القدرة على فهم شكل دور المرأة المستقبلي.
يبدو أن هناك ورشة عمل حقيقية لإشراك المرأة في عملية بناء وطنها..
كيف تنظرون سموكم إلى هذه الجهود وكيف تقومونها ؟ .
** هذا الانطباع صحيح واشتراك المرأة الإماراتية في بناء وطنها وتطويره ليس جديدا عليها ولكن هناك اليوم جهود حثيثة لمشاركة نسائية أوسع في سوق العمل وفي شتى المجالات والحمد الله فقد بدأ المجتمع يدرك تدريجا طبيعة دور المرأة وأهميته في بناء أسرتها ماديا ومعنويا.

* ما زال هناك جدل حول وجود خصوصية للمجتمع الإماراتي من عدمه وهو جدل ذو عمق تاريخي ولكن الاستمرار في ذكر هذا الجدل في معظم النقاشات والحوارات يستهلك الوقت والجهد.. فما رأيكم حيال هذا ؟.
**يعتمد الجدل حول خصوصية المجتمع الإماراتي من عدمه على المعنى المقصود بهذه الخصوصية فهل المعنى المقصود أن نأخذ هذه الخصوصية كتبرير وعذر للتقوقع على الذات وللقول بأننا مختلفون عن هذا العالم قاطبة ولذلك لنا الحق بأن ننعزل أم أن الخصوصية تأتي بمعنى أشمل بحيث يمكن توظيفها من معنى تراثي لكنه ليس أخلاقيا أو إنسانيا لأنه في نهاية المطاف نحن بشر ولا نستطيع أن نعزل أنفسنا عن العالم لأننا جزء أصيل من مكوناته.

* يكثر الجدل هذه الأيام حول التغيير والتطور اللذين تشهدهما حياة المرأة الإماراتية.. فهناك من يقول إنهما نابعان من الداخل وآخرون يعتبرونهما مفروضين من الخارج.. فما هو رأيكم..؟.
** هناك فرق بين التغيير في حياة المرأة والتطور فالتغيير الإيجابي يجب أن يكون ضمن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف والضوابط الشرعية المحكمة في أي مجال تمارسه المرأة فالتطور يكون بالتعليم والتفكير والنظرة الايجابية التي تزيد من فاعلية المرأة وكفاءتها وصقل مهارتها ما يساعد في دفع عجلة التقدم الذي له دور هام وفعال في جميع ميادين الحياة لا سيما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومختلف المجالات .. هذا التغيير الإيجابي ليس مفروضا من الخارج وإنما هذا ما دعت إليه حكومتنا الرشيدة لمواكبة ومسايرة التقدم الحضاري بمقاييس تحافظ على المرأة وتزيد فاعليتها وتحافظ على كرامتها الإنسانية وأخلاقها السامية لتشارك في تطور المجتمع وتتماشى مع أهداف الخطط التنموية للدولة.

* هناك حملة مضللة ومشوهة يحاول البعض أن ينال عبرها من مكانة دولة الإمارات والمنطقة من خلال التباكي على المرأة ودورها وحرمانها كما يقولون من أبسط حقوقها.. فما تعليقكم حيال هذا..؟ وهل تعتبرون أن الرد هو على مستوى هذه الحملة..؟ وماذا تقترحون..؟.
** في ما يخص الحملة التي تتعرض لها الإمارات والمنطقة والحديث عن المرأة وحقوقها فذلك لم يثننا عن المضي قدما في خطط التنمية المتلاحقة الموجهة إلى القوى البشرية من الجنسين في القطاع الخاص أو العام..
فالمرأة الإماراتية على رغم حداثة انخراطها في التعليم العام إلا أنها حققت نجاحات كبيرة وملموسة في كل المجالات والواقع الفعلي والعملي يشهد بجلاء على ذلك..والمرأة هي الأخت والأم والبنت وهي تشارك كأستاذة وأكاديمية في الجامعات والمؤسسات التعليمية والتربوية العامة والخاصة وهي الطبيبة المختصة والاستشارية القديرة..كما أن للمرأة الإماراتية المثقفة دورا كبيرا وواضحا في المجال الإعلامي والإبداعي والفني وتشارك مشاركة فعالة في المؤتمرات الوطنية وتساهم في التنمية الاجتماعية والمدنية وتعمل جنبا إلى جنب مع الرجل في الجمعيات الخيرية والحقوقية كجمعية حقوق الإنسان وغيرها الكثير..أما في مجال الأعمال الخاصة فنحن نرى إقبالا كبيرا وأعدادا متزايدة من سيدات الأعمال في المجال الاقتصادي وتثبت الإحصاءات والمعلومات الحديثة أن نسبة جيدة من الفتيات يتجهن إلى التعليم والتدريب في مجالات الحاسب الآلي واستخداماته في ما يخدم اهتمامات المرأة وتطوير قدراتها العملية والمهنية .. أما الرد على تلك الحملات المضللة والمشوهة هو العمل الدائم والمستمر والتحديث والتطوير المنهج لتهيئة جيل من النساء العاملات يشاركن في صنع المستقبل المشرق إن شاء الله وقد بذلت الدولة كل ما من شأنه المساهمة في تقدم المجتمع وتلبية احتياجاته التنموية التي يكفلها ديننا الإسلامي السمح في العمل والحياة الكريمة والمواطنة الحقة ..وللأسف الشديد هناك إعلاميون عرب يشاركون في حملات التشويه التي تستهدف المرأة الخليجية مع أنهم لا عرفوا منطقة الخليج ولا قاموا بزيارتها ولا اطلعوا على حقيقة تفكير المرأة الخليجية ودورها واكتفوا بترديد ما يطرح في الغرب من صور مشوهة عنا نحن لا نطلب إلا الحقيقة والحقيقة عندنا ولله الحمد واضحة وليس لدينا ما نخفيه فأوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية والأمنية مستقرة ومواطننا الخليجي أوعى من مروجي الإشاعات المغرضة.
هناك من يبرر هذه الحملات بتحميل المرأة الإماراتية مسؤولية الغموض الذي يحيط بواقعها ويقول هؤلاء ان المرأة الإماراتية لا تخاطب أحدا ولا تشارك في الحياة العامة وتلبس العباءة ولا تقبل بالتقاط الصور لها للتعريف بها.. فما هو ردكم..؟.
** وهل باتت الصور مهمة للتعريف بمكنونات وقدرات الإنسان وما هو إذن دور الفكر والإنسانية والعلم والخبرة والأخلاق والرغبة في المشاركة في التنمية والبناء؟!.. أما بالنسبة لارتدائها العباءة فهذا حق مشروع لها يا من تنادون بالحريات الشخصية!.. وليعلم الجميع ان المرأة الإماراتية ولأكثر من ثلاثة عقود كانت حاضرة بوضوح في مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها الدولة ولم تشتك خلالها من العباءة لأنها لا تثبط همتها ولا تعيق حركتها.

* وكيف تفهمون مصطلح العولمة..؟ وأين موقفنا منها كعرب..؟.
** من ضمن المصطلحات التي درجت مؤخرا على ألسنة المثقفين العرب مصطلح العولمة وقبل أن يوضح أي منهم جذور هذا المفهوم وتطوراته وآفاقه انخرطوا في استخدامه وكأنه جزء من التراث العربي والحضارة العربية ..ان الغرب يصنع ويصدر المفاهيم التي تخدم أهدافه ومصالحه ولكن ليس من واجبنا نحن العرب تبني هذه المفاهيم والترويج لها دون ان ندرك علاقتها بنا ونتحقق من فائدتها لنا فقد توصل الغرب إلى صياغة العالم بوحدة كونية هي في مصلحته ولكن هل نجد في ذلك مصلحة لنا؟.. هل نريد فعلا الذوبان في نظام ليس لنا أية يد في صياغة قوانينه وأسسه ووضع برامجه وأهدافه أم علينا التروي ودراسة الأمر بشكل يأخذ تراثنا وقيمنا ومصالحنا ومستقبل أجيالنا بعين الاعتبار؟.. هل نحن جاهزون اليوم لنظام دولي يلغي الحدود ويعتبر العالم قرية كونية؟.. أم أن علينا أولا ان نستغرق في عملية بناء داخلي ومؤسساتي يضعنا في موقع نتمكن من خلاله من مواكبة العالم والمنافسة؟..
وهل اتفق المثقفون العرب على تحديد موقفهم من العولمة أو تحديد فهم مشترك لها؟.. أم ان مصطلح "العولمة" أصبح مصطلحا يدل على المعاصرة والاطلاع والفهم؟.. ولذلك تسابق الكثيرون إلى استخدامه دون ان يتحققوا من أصوله وأهدافه وعلاقته بالواقع العربي ..وأعتقد أن دخول عصر المعلوماتية وقبول مصطلح العولمة يتطلب أول ما يتطلب فهم الذات والواقع وبناء وترتيب الوضع الداخلي ترتيبا محكما ومتينا يمكننا من الانطلاق إلى الإقليمية ومن ثم إلى العالمية أما القفز فوق العقبات والحواجز ونقاط الضعف فلن يذهب بهذه النقاط بعيدا بل سيكون كمن يغلق على جرح ملتهب أصلا لا يزيده الإغلاق إلا التهابا ومرضا.. المكاشفة والصدق هما سر النجاح ومهما كان الوضع صعبا فإن الاعتراف بالصعوبة وفهم أبعادها شرطان أساسيان للبدء بالتغلب عليها وتجاوزها.

* ألا تخافون من تأثير العولمة على المجتمع والمرأة الإماراتية..؟.
** ليعلم الجميع ان لدينا العزيمة لنسابق العولمة من أجل وضع الإمارات في مصاف الدول المتقدمة والحفاظ على هويتنا وإذا كان المجتمع الإماراتي يعيش اليوم متغيرات عصره إلا أنه لم يفرط في هويته وتراثه بل استطاع أن يجمع بين الطيب من تقاليده والطيب من واقع حاضره فنسيج البناء العصري في الإمارات تترابط فيه التقاليد مع التحديث بمتانة ووفاق حيث تسعى الحكومة إلى إحياء الموروث الحضاري الإماراتي فكريا وثقافيا ومعماريا والحفاظ عليه والتعبير عن الجوانب الثقافية للنهضة الإماراتية الحديثة.
* مع تزايد الحديث عن الإصلاح في المنطقة تبرز قضايا المرأة كإحدى نقاط أجندة الإصلاح.. هل تقتصر مهمة الإصلاح على إتاحة المزيد من الحرية لمشاركة المرأة السياسية أم أنها تتعدى ذلك..؟.
** لا يمكن حصر حديث الإصلاح على قضية إتاحة المزيد من الحرية لمشاركة المرأة السياسية فهناك قضايا أساسية أخرى تتصل بالتعليم والتأهيل وتكافؤ الفرص وعدد من الحقوق الاجتماعية التي يجب أن تسعى المرأة الخليجية أولا إلى تحقيقها مع التأكيد على تباين أوضاع المجتمعات الخليجية والأشواط التي قطعتها في هذه المجالات ..ويجب ان ينتبه الجميع إلى ان الإصلاح المستورد من الغير ثبت فشله ولنطبق تجربة تنبع من واقع مجتمعنا وقيمه ومصالحه.

* هل دخول المرأة مؤخرا إلى التشكيل الوزاري يعطي صورة طيبة للإمارات في المجتمع الدولي..؟.
** وجود عدد من النساء ضمن التشكيل الوزاري يعد خطوة تاريخية للإمارات وللمرأة الإماراتية التي ناضلت وطالبت لفترة طويلة بأن تصل إلى مراكز صنع القرار وإلى كامل حقوقها السياسية..والمؤكد أن قيادتنا الرشيدة لم تفعل ذلك لتعطي صورة طيبة لأحد وأقول أن ذلك ليس برنامج علاقات عامة ولا نعملها لكي نرضي هذا الطرف أو ذاك فهذا الشيء قمنا به بقناعة ذاتية ومجهود 30 عاما كان خلالها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان /طيب الله ثراه/ يحارب ويجاهد لإعطاء المرأة حقوقها الكاملة وذلك يؤكد أن هذا ليس برنامجا للعلاقات العامة لتحسين سمعة الإمارات فنحن مؤمنون إيمانا مطلقا بأن هذا العمل لمصلحة الإمارات في الحاضر والمستقبل ثم ان سمعتنا وصورتنا أكثر من طيبة في العالم أجمع لأن النهج والسياسة المعتدلة للإمارات قد عززا ثقة دول العالم بها ووطد علاقاتها ودفعها إلى الأمام.

* تعيين أربع وزيرات في التشكيل الوزاري الأخير كان نوعا من التقدير أم التشجيع للمرأة..؟.
** اعتقد أن المسألة مزيج بين الأمرين فهناك قناعة حقيقية لدى القيادة السياسية في الدولة بمنح ادوار أفضل وأكبر للمرأة الإماراتية وهي قناعة بدأت مبكرة على مستوى القوانين والتشريعات المختلفة كما على مستوى الممارسات ثم عندما بدأت المرأة الإماراتية تثبت جدارتها وأحقيتها بتلك القناعة كانت القيادة السياسية أيضا تمنحها المزيد من الفرص تقديرا لها على تطورها ونشاطها المستمر.

* وجود وزيرة للشؤون الاجتماعية بدلا من وزير.. هل هو قرار مقصود من أجل خدمة قضايا المرأة في الإمارات..؟.
** إن وزارة الشؤون الاجتماعية في دولة الإمارات تعتمد إستراتيجية عمل وبرامج تستهدف كل أفراد المجتمع بغض النظر عن جنسه رجلا أم امرأة على الرغم من وجود دوائر وأقسام في الوزارة تهتم بالمرأة بشكل خاص ثم إن موضوع التنمية بشكل عام والتنمية الاجتماعية بشكل خاص قضية تعني الرجل والمرأة على حد سواء ومن قناعتي الشخصية أن للاثنين فرصا متساوية للقيام بأهداف التنمية الاجتماعية وبرامجها المختلفة.

* برأيكم هل مشاركة وفوز المرأة الإماراتية في انتخابات المجلس الوطني ومن ثم دخولها المجلس قد أنصفها وزاد من فاعلية دورها في المجتمع..؟.
** المهم هو ان نعمل على تحقيق نوع من القناعات المجتمعية بممارسة المرأة لحقوقها فالكثير من التشريعات والقوانين كفلت للمرأة الكثير من الحقوق إذا لم نقل كلها بشكل ضاعف من دورها في المجتمع لكن إعطاء تلك الحقوق من الناحية التشريعية والسياسية لا يعني أبدا ضمان ممارسة أفراد المجتمع لها أو الإجماع عليها وبالتالي تأخذ بعض المجتمعات وقتا ليس بالقصير حتى تنتقل إلى ممارسة الكثير من الحقوق المكفولة قانونيا.
هل تعتبر الثقافة السياسية الدارجة في المجتمع والتي عادة تتحفظ على قيام المرأة بدور هام سياسيا معضلة مزمنة أمام المرأة الإماراتية..؟.
** في الحقيقة هذه الثقافة تلاشت وأصبحت من الماضي لأن تمكين المرأة الإماراتية يكمن في الاعتراف بها كفرد ومواطن لها حق كحق الرجل وبالنسبة لنا في الإمارات لا يوجد تحفظ يمنع المرأة من ممارسة أدوارها المختلفة في المجتمع إنما الرهان أو الفيصل الأساسي في ذلك يرتبط بقدراتها وإمكاناتها التي تؤهلها للقيام بالأدوار المختلفة وكثيرا ما نجد نماذج نسوية إماراتية لها مواقف وآراء فاعلة جدا تجاه الكثير من القضايا السياسية ولا أجد رابطا بين درجة الاهتمام بالشأن أو الشؤون السياسية وجنس المهتم سواء كان ذكرا أو أنثى بل المسألة من وجهة نظري الشخصية ترتبط بدرجات اهتمامنا وتعاطينا مع تلك الشؤون وبالتالي لا أرى وجود نظرة مغايرة للقضايا السياسية بمجرد اختلافنا الجنسي.

* إذا انتقلنا من المجال السياسي إلى المجال التربوي والثقافي.. هل من توجيه للقائمين على المجال التربوي..؟.
** يجب نشر مفهوم الشراكة التربوية وإشراك القطاع الخاص في برامج وزارة التربية والتعليم من منطلق أن التعليم ثروة وطنية تهم الجميع وأن التعليم خيار استراتيجي لا يمكن التنازل عن الجودة النوعية والكمية فيه وأن المرحلة المقبلة في التعليم ستكون مرحلة نوعية تقدم التعليم في صورة تكاملية في ظل الدعم الكبير الذي يلقاه التعليم من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة /حفظه الله / وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي /رعاه الله/.

* إذا تجاوزنا مراحل التعليم الدنيا.. ما مدى رضاكم عن إقبال الفتاة الإماراتية على التعليم الجامعي..؟.
** دعينا نكون أكثر موضوعية في الإجابة عن هذا السؤال ولندع الأرقام تجيب.. فحسب الإحصائيات الرسمية تحتل الإمارات المركز الأول في العالم بالنسبة لإقبال الفتيات على التعليم في مؤسسات التعليم العالي حيث تبلغ نسبة الطالبات في جامعة الإمارات نحو 70 بالمائة و65 إلى 70 بالمائة في كليات التقنية العليا في حين تصل إلى 100 بالمائة في جامعة زايد كما أن دولة الإمارات العربية تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث نسبة التعليم العالي بين النساء.

* أعلنت الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014 ومنذ أكثر من عشرة أعوام أعلنت عاصمة للثقافة العربية ومابين الإعلانين كما يبدو هناك مسافة زمنية كبيرة لم تتوقف فيها رحلة التنمية في الإمارة والتي يقودها صاحب السمو حاكم الشارقة.. نود تسليط الضوء على أهم محطات هذه الرحلة في نظركم..؟.
** صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي يعد بحق الرائد للتعليم في الإمارة.. فهو مؤسس المسيرة التعليمية والمتابع لتطوراتها وانتقالاتها المرحلية.. اهتم كثيرا بهذا الجانب منذ مرحلة مبكرة لذلك لم يكن مستغربا أن يكون أول وزير للتربية والتعليم في بدايات نشأة الاتحاد ..ولقد كانت أهم مرحلة من مراحل مشروعه التنموي في المجال العلمي إنشاء المدينة الجامعية التي تعد منارة جاذبة لمحبي العلم والباحثين عن المعرفة.. من الطلبة والأساتذة والمختصين.. بل وتقدم خدمات مجتمعية وتطويرية للمؤسسات والأفراد الراغبين من الاستفادة بها.. ويتسع طموح صاحب السمو حاكم الشارقة ليشمل برنامجه البحثي بدعم البحوث العلمية وتشجيع البحث عبر جوائز علمية وتوفير الأجواء المناسبة للباحثين ليؤدوا أدوارهم المحورية الداعمة لأركان بناء المجتمع.. ويشمل كذلك عقد لقاءات واتفاقيات عالمية تهدف إلى رفع مستوى البرامج العلمية التي تنفذها الجامعات والكليات في المدينة الجامعية مع حرص سموه على اختيار أرقى الجامعات العالمية أداء وتأثيرا في التقدم العلمي ..وسموه يسير في رحلة تحقيق طموحه العالي من منطلق قيم إسلامية ومبادئ إنسانية.. فهو يقود مسيرة الحوار المتبادل بين الحضارات والثقافات معبرا عن التوجه الإسلامي الحقيقي نحو حب العلم واحترام الآراء وتبادل الثقافات.. ودعم العلاقات بين المجتمعات الإنسانية على أساس محبة السلام.
ما رأيكم بجهود سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة .؟.
** سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله ورعاها رائدة في مجال التطوير والحقيقة شهادتي فيها مجروحة لأنني مهما قلت ومهما كتبت لا أستطيع أن أصف ولو جزءا بسيطا من جهود سموها وإسهاماتها الرامية إلى تطوير دولة الإمارات بشكل عام والمرأة الإماراتية بشكل خاص .. وبالتأكيد سموها راعية الحركة النسائية بالدولة ويعود إليها الفضل في ما وصلت إليه ابنة الإمارات من خلال مشاركتها في مختلف مناحي الحياة ويكفينا فخرا ان لسموها مكانة مرموقة ليس بدولة الإمارات وحدها بل على المستويين الخليجي والعربي.

* كيف تنظرون لمسيرة سيدات الأعمال الإماراتيات..؟ وهل أنتم راضون عن هذه المسيرة..؟.
** لقد أثبتت المرأة الإماراتية نفسها في كل موقع أو مجال تطرقه فهي الأم ومنجبة الأجيال وهي العاملة والمنتجة في تنمية مجتمعها كما أنها المتطوعة والمؤسسة والراعية لكثير من المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية وتعد رافدا استراتيجيا من روافد التنمية وما وصلت إليه اليوم فخر لنا جميعا وهي بلا شك تخطو بثبات وثقة متسلحة بالعلم والخبرة نحو مستقبل أكثر إشراقا وتفاعلا مع قضايا المجتمع واحتياجاته .. ثم ان مؤشرات تمكين المرأة اقتصاديا مصدر فخر ورضا لنا إذ يبلغ حجم الاستثمارات في الأعمال التي تديرها الكوادر النسائية حوالي 14 مليار درهم تشرف عليها ما يزيد على 11 ألف سيدة على مستوى الدولة بالإضافة إلى إن الإناث المواطنات يشكلن أكثر من 22 بالمائة من إجمالي القـوة العاملة المواطنة وقـد بلغ عدد النساء العضوات في مجالس إدارة غرف التجارة والصناعة 12 سيدة.

*أخيرا.. ما هو الخيار الاستراتيجي الذي تتمنون من قيادتنا الرشيدة أن تتبناه في الفترة المقبلة..؟.
** في ظل التحولات التي يشهدها العالم ومحدودية الموارد المادية يبرز العقل الإنساني واحدا من أهم المجالات الاستثمارية المتجددة مما يجعل الاهتمام باكتشاف الموهوبين ورعايتهم خيارا استراتيجيا على مستوى دول العالم لذا يبقى اكتشاف الموهوبين والموهوبات ورعايتهم إستراتيجية وطنية لابد من تفعيلها فبل أن يفوتنا القطار.

تواصل معنا

خلال ساعات العمل الرسمية

الإثنين-الخميس: 8:00 صباحاً - 3 ظهراً
الجمعة: 7:30 صباحاً - 12:00 ظهراً

ص.ب 130, أبوظبي - الإمارات العربية المتحدة

الحصول على الإتجاهات